4‏/9‏/2013

إجعل لسانك دائمآ رطبآ بحمد الله

الحمد مقياس للقرب من الله عز وجل:
     كلمة "الحمد لله" إحدى أكبر شعارات المؤمن، "الحمد لله" على السراء وعلى الضراء، على الصحة وعلى المرض، على إقبال الدنيا وعلى إدبارها، على الغنى وعلى الفقر، على الزواج، وقبل الزواج، وبعد الزواج، "الحمد لله" تعني أنك تعرف أن لهذا الكون إلهاً عظيماً، هو على كل شيء قدير، فإذا حرمك من شيء فهذا حرمان معالجة لا حرمان عجز، "الحمد لله" تعني أن الذي خلقك يحبك، يحبك أكثر مما تحب نفسك لذلك يعالجك ولولا المعالجة لما اهتديت.
     موضوع "الحمد لله" موضوع واسع جداً، لكن علماء البلاغة قالوا: الحمد مسلَّم به، لكن لمن ؟ ربنا قال: لله، كلمة الحمد تقتضي وجود نِعَم، والنِّعم ظاهرة لا ينكرها جاحد، حتى الذي ينكر وجود الله لا ينكر النعم، يقول لك: الطبيعة، استثمار المياه في الطبيعة، استثمار الخيرات، تحسين النسل، هذه موضوعات يعالجها الكفرة أيضاً، فالنعم لا ينكرها أحد، حتى الذين أنكروا وجود الله عز وجل لا يستطيعون إنكار النعم، الهواء، الماء، الطعام، الشراب، النبات، الأسماك، الأطيار، الأزهار، هذه الشروط الدقيقة جداً التي خلقها الله عز وجل موافقةً لطبيعتنا، هذه نِعم لا ينكرها أحد، ولكن المشكلة في الآية أن الحمدَ لله فقط، أما أهل الدنيا فإنهم يحمدُ بعضهم بعضاً ويشكرُ بعضهم بعضاً.
     "الحمد لله" ؛ فصار الحمد أمراً مؤكداً لا يمكن أن تحمد الله إلا إذا عرفته، وقبل أن تعرفه لا تحمده، بل تحمد أنداداً له، تحمد شركاء تظنهم شركاءه، فالحمد تقتضي المعرفة، لذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سُمي محمداً لأنه أحمد الخلق قاطبةً، ما من مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى حمده أكثر منه عليه الصلاة والسلام، كأن الحمد مقياس للقرب من الله عز وجل، سيد الحامدين هو سيد الخلق، فاسم أحمد، ومحمد، وحامد، هذه كلها من الحمد، والله سبحانه وتعالى خلق لنا النِّعم، وعلمنا كيف نحمده عليها، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، كيف أثنى الله على نفسه ؟ بقوله تعالى:
﴿ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) ﴾
     لذلك فإن النبي الكريم قال:
(( عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له.))
[مسلم عن صهيب]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رئيك يساعدنا علي النشر