6‏/9‏/2013

كلما تفتحت بصيرت المؤمن

المؤمن كلما تفتحت بصيرته يرى أن كل من يقـدم له خدمةً في الحياة إنما هي بفضل الله:
     قد يرى بعضهم أن فلاناً الفلاني بيده نفعه وضره، هذا إشراك، قد يرى أن هذه الزوجة ملجأ له وملاذ، ولولا أن الله سبحانه وتعالى جعلها سكناً لك، ولولا أن الله سبحانه وتعالى ألقى في قلبها محبتك، أو ألقى في قلبها رجاءك لَمَا خدمتك، فالمؤمن كلما تفتحـت بصيرته يرى أن كل من يقـدم له خدمةً في الحياة إنما هي بفضل الله، وبإذن الله، والحمد لله وحده، فلذلك نعمة الصحة نعمة كبرى، وليس العجب أن يمرض الإنسان، بل العجب ألا يمرض، لأن هناك آلاف الآلاف من الشروط التي تتوافر جميعها كي تقول صباحاً: "الحمد لله رب العالمين"، الأجهزة لديك تعمل، جهاز الهضم، بدءاً من الفم، إلى اللعاب، إلى البلعوم، إلى لسان المزمار، إلى المريء، إلى المعدة، إلى البنكرياس، إلى الإثني عشر، خلايا الامتصاص في الأمعاء الدقيقة، الأمعاء الغليظة، جهاز التصفية البولية إلى الكليتين، جهاز القلب إلى الرئتين، العضلات، العظام، الجلد، هذا كله يعمل بانتظام، الجهاز الودي النظير، الجهاز العصبي، الجهاز الهرموني، الغدة النخامية، الغدة الدرقية، غدة الكظر، البنكرياس كله يعمل بانتظام، "الحمد لله"، هذه معجزة، أن تستيقظ صباحاً وتحس أنك بصحة تامة "الحمد لله".
     أكلـت طعاماً، مَن خَلَقـه ؟ من سخره ؟ من جعلـه مناسباً لنا ؟ طعماً، ولوناً، ورائحةً، وقواماً، ومضموناً، وغذاءً، من نَوَّع هذه الأغذية ؟ البروتينات، والفيتامينات، والسكريات، والمواد الدسمة، من وزعها على هذا الطعام الذي بين أيدينا ؟ إذا أكلت لقمة خبز فمن خلق القمح ؟ الأرض، والقمر، والشمس، والبحار اشتركت في صنع هذا الرغيف، إن شربت كأس ماء من سخره لك ؟ إن لترَ الماء المحلى في دول النفط يكلف ثلاثة ريالات، أيْ عشر ليرات سورية تقريباً، هذا الينبوع ينبوع عين الفيجة الذي سخره الله لنا، والذي بلغني مؤخراً أن حوضه الجيولوجي يمتد إلى حدود كبيرة جداً، من سخره لنا ماءً عذباً فراتاً ؟ "الحمد لله" على كأس الماء، "الحمد لله" على رغيف الخبز، "الحمد لله" على هذه التفاحة التي تأكلها، إياك أن تظن أنك دفعت ثمنهـا لا، دفعت ثمن خدمتها، لو اجتمع أهل الأرض لا يستطيعون صنع تفاحة واحدة، من جعل هذه الكميات بكميات معقولة، لو كان التفاح قليلاً جداً لكان ثمن الكيلو مئتي ليرة، من يأكله إذاً ؟ من الذي عمل تناسباً بين الإنسان ومتطلباته ؟ لو أن الدجاجة تبيض في السنة بيضة لكان ثمنها ألف ليرة، أما إذا كانت تبيض كل يوم بيضة فثمنها نصف ليرة هذه معقولة، إذاً "الحمد لله"، الحليب، البيض، الجبن، اللحوم، هذه كلها من نعم الله، فهذه النعم لا يستطيع أحد أن ينكرها، لكن المشكلة في أن أهل الأرض معظمهم يعزونها إلى غير الله فجاء قوله تعالى:
﴿ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) ﴾

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رئيك يساعدنا علي النشر